الثلاثاء، 16 يونيو 2009

الإيحاء الإيجابي ....و صناعة النجاح

إذا غضب أحدنا من أبنائه نعتهم بأبشع الصفات ، ثم يعود بعد ذلك ليعتذر قائلا لقد (كنت في حالة غضب !) لكن بعد فوات الأوان ... أتدري لماذا ؟ لأنه قد تم قبول شخصية الطفل لهذه الكلمات على أنها حقائق !! و هذا ما يسميه العلماء بالإيحاء السلبي.
ما هو الإيحاء ؟

الإيحاء هو رسالة (سلبية أو إيجابية) يتلقاها العقل فيصدقها و يشرع في تنفيدها بطريقة لاواعية ، بمعنى آخر أن الإنسان يصدق رغم أنفه الرسائل التي تأتيه من الخار
ج و ينفدها ، لكن مدى تنفيذ هذه الرسائل أو عدم تنفيذها متوقف على الكثير من العوامل و الظروف . فالطفل مثلا عقله يصدق الإيحاءات أكثر من الراشد و المريض قابل للإيحاء أكثر من السليم ، و هكذا
إذا كان هذا هو الإيحاء السلبي ، فالإيحاء الإيجابي له تأثير أعمق من ذلك ، فهو يغير الشخصية من شخصية فاشلة إلى شخصية قوية و من شخصية لينة غلى شخصية صلبة .. غذا تعال معي نتعلم فنا من فنون صناعة النجاح.
هل تصدق أن أقل من 3 % في العالم يعيشون أحلامهم ؟ أي أنهم حققوا ما كانوا يحلمون به ، ليس لأنهم أذكياء جدا أو أن إمكانياتهم المادية تفوق إمكانيات الآخرين ...لا ..و لكن لأنهم تمكنوا من اكتشاف استراتيجيات فعالة جعاتهم يعيشون أحلامهم في أرض الواقع !
فأول خطوة لتحقيق هذا الهدف هو :
تحديد الحصيلة و هي عبارة عن النتيجة أو الهدف النهائي الذي تسعى إليه . أي ماذا تريد بالضبط ؟
اعلم أن الصورة الذاتية للفرد، اي صورتك عن نفسك ، هي مفتاح شخصية الإنسان و سلوكه ، فإذا تغيرت هذه الصورة تغيرت فإن الشخصية و السلوكات تتغير..
تشير بعض الدراسات النفسية أننا نكون قد تلقينا إلى غاية سن 18 سنة ما يقارب 150000 رسالة سلبية و ما لا يزيد عن 600 رسالة إيجابية. كما تشير الدراسات النفسية أن المرء يتحدث إلى نفسه يوميا بحوالي 5000 كلمة .... منها 80 % سلبي ، كالتخويف و القلق، و التشاؤم ... وهذا يجعله كلما كبر كلما ازداد هما و ازداد قلقا ذلك أنه يزداد سلبية يوم بعد يوم و هو لا يدري !
و هناك اناس قلة ، اسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم ، يفكرون بطريقة إيجابية ، هؤلاء كلما كبروا كلما سعدوا أكثر..
ـ نحتاج إلى ثورة الإيجابية : إننا بالفعل بحاجة ماسة إلى ثورة إيجابية تبدأ بالنفس ثم تنتقل إلى محيطنا الأسري ثم غلى بيئة العمل ثم إلى المجتمع ككل .. إننا نملك المؤهلات لذلك ، لكن المشكلة البسيطة تكمن في (العملاق النائم بداخلنا من يوقضه ؟)
الكثير منا يوحي إلى نفسه إيحاءات سلبية ، فتعشش فس رأسه و تصبح عادات ثم سجية و بالتالي تحدد الشخصية و المصير. لذلك يقول العلماء :
راقب افكارك لأنها ستصبح افعال
راقب أفعالك لأنها ستصبح عادات
راقب عاداتك لأنها ستصبح طباع
راقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك.. بمعنى أن الأفكار ستحدد مصيرك ، طال الزمن أو قصر !
فإذا أردت التغيير فابدأ الآن ، غيَر أفكارك نحو الإيجاب تتغير أحولك كلها نحو الأحسن فالأحسن، و صدق الله اله العظيم إذ قال :"إنًَ الله لاً يُغيَر مَا بقَوْمٍ حتى يُغيَروا مَا بأَنْفُسهمْ".
من منا لا يسمع الرئيس الهندي غاندي الذي حرر الهند من الاستعمار البريطاني ، هل تعلم أخي القارئ أن غاندي كان خجولا جدا !؟ إلى درجة أن كان يسقط مغميا عليه إذا اضطر إلى التحدث أمام الناس !؟ لكن كيف صار رئيسا ؟ بل كيف لهذا الشخص الذي يقع على الأرض مغشيا عليه من شدة الخجل أن يكون البطل الاسطوري و المحرر لشعب الهند ؟!! الجواب : إنه الإيحاء الإيجابي...
لقد عزم غاندي أن يغير من نفسه بان ينهض كل صباح و يقول لنفسه : أنا رجل شجاع .. أنا رجل شجاع...أنا رجل شجاع...و يكررها عدة مرات .. إلى أن غير من نفسه و تغلب على الخجل، و شيئا فشيئا و بتكرار الكلمات الإيجابيةن درس الحقوق و صار محاميا ، و تغلب على مخاوفه عند لقائه بالجمهور و شاعت خطبه الرنانة و كلماته الصلبة .. إلى ان وقف في وجه الاستعمار و صرخ في وجهه : سأحرر بلادي كما حررت نفسي من قبل !
أرأيتم كيف ان الإيحاء يصنع النجاح و الكلمة تغير كل شيء و إليكم هذا المثال :
كلنا يعلم أنك لو أخدت كأس من الماء و قرأت عليه آيات من القرآن الكريم يصير هذا الماء شفاء للمريض الذي يشربه ، لكن هل تعلم أيضا أنه إذا قلت على هذا الماء كلاما قبيحا يصبح هذا الماء مضرا لشاربه !
و السبب يقول العلماء أن الكلام الطيب مثل القرآن الكريم يغير خواص جزيئات الماء فيصبح سلسا نافعا لشاربه ، و العكس بالعكس. و ه1ذا يفسر سر تأثير الكلام الإيجابي على الإنسان، كيف لا و 70 % منه ماء ؟ و القرآن الكريم أفضل الكلام الذي تطيب به النفوس.
يقول تعالى :" أَلاَ بذكر الله تطمئنّ القلُوب" .




الثلاثاء، 9 يونيو 2009

تقليد أم غبـــــاء ؟

عانينا و لا نزال نعاني من الأفكار الجافة و العادات البليدة التي نتمسك بها بشكل أعمى لا مبرر له ، فقط لأننا وجدنا آبائنا و أجدادنا متمسكين بها .. رب عذر أقبح من ذنب !
لقد قام مجموعة من العلماء بتجربة ملفتة للإنتباه تبين سلوك الحيوانات ، فهل نخضع نحن بني البشر لنفس القانون ؟
تأملوا معي التجربة : وضعو داخل قفص خمسة قردة من فصيلة الشامبانزي و علقوا على سقف القفص حبات موز ، و تعمدو أيضا وضع سلم داخل القفص ، طبعا بذكاء و فطنة هذا الحيوان سيدرك بسهولة كيف يحصل على الموزة ، قام احدهم مباشرة بتسلق السلم فرش العلماء الماء البراد جدا على الحيوان و كذلك البقية ... و كلما حاول أحدهم تسلق السلم كانت النتيجة رش المء البارد عليهم.. فتعلموا الدرس: عدم محاولة الحصول على الموز و إلا حصل ما لا يطيقونه ، ماء بارد يجمد أضلاعهم..
بعد مدة إستبدل العلماء أحد القردة الخمسة بقرد آخر لم يشهد تجربة الماء البارد ، فسرعان ما حاول تسلق السلم للحصول على الموز ، لكن..... البقية منعته و تمسكوا به ، أتدرون لماذا ؟ لأنهم يعرفون أن النتيجة مؤلمة ، الماء البارد.
ثم قام العلماء باستبدال قرد آخر فكانت النتيجة أن منع هو الآخر من الحصول على الموزة... و المدهش في الأمر ان القرد الجديد كان يساهم هو الآخر في منع زميله من الحصول على الموز رغم أنه لم يرش عليه الماء .
و بعد أن تم استبدالهم جميعا ، بقي "التقليد" نفسه داخل القفص ، ممنوع تسلق السلم و الحصول على الموز ! لماذا ؟ لا أحد يعلم ، مجرد تقليد و السلام !
القردة الأوائل كان لهم عذرهم ، لكن الجدد ، ما هو عذرهم ؟
لو سألناهم لقالوا : لقد وجدنا آبائنا لذلك فاعلون !
أليس هذا هو حالنا ؟ ألسنا نقلد أحيانا أبائنا و أجدادنا دون أن نعرف بالضبط ما الحكمة من ذلك ؟ لماذا لا نستعمل عقولنا ؟
هل هذا إذن تقليد أم غباء ؟
لذلك قال إنشتاين قديما : هناك شيئان لا حدود لهما ، العالم و غباء الإنسان.

الخميس، 4 يونيو 2009

فن الإقناع

مخاطبة العقول والقلوب فن لا يجيده إلا من يمتلك أدواته، وإذا اجتمعت مع مناسبة الظرف الزماني والمكاني أثرت تأثيراً بالغاً، ووصلت الفكرة بسرعة البرق. وهكذا كانت طريقة القرآن في تلمس حاجات الوجدان وأيضاً من عوامل نجاح الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- في إقناع الناس برسالتهم،وما عليك إلا أن تتأمل في أحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- لتستلهم منها كنوزاً في فقه الدعوة، يقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة". ووصولاً إلى تحقيق الهدف من الدعوة فإن مما تحسن العناية الشديدة به نشر ثقافة الإقناع وفنون الحوار وفن الاستماع وتقمص شخصية الآخر في محاولة لفهم دوافع موقفه.. وهذه لا يعني بطبيعة الحال الدخول في أي حوار وطرح القضايا الشرعية للاستفتاء العام؛ لإن هذا يدل على شخصية ضعيفة وانهزام أمام ضغط الواقع.إن هناك من يخاطب الناس على أنهم فئة واحدة أو أن لديهم القناعات نفسها التي لديه ولذا تراه يخاطب نفسه في آخر الأمر. وأرى أن الشباب مثلاً بحاجة إلى من يجيبهم على كثير من الأسئلة الملحة التي تواجههم بطريقة تناسب تفكيرهم وتتعامل بشكل صحيح مع المنطلقات الفكرية التي تربوا عليها، ونحتاج أن نقوم بدراسات لمعرفة أكثر الأساليب تأثيراً عليهم. إن الدورات التي تتناول مهارات الاتصال وفنون الحوار والإقناع وطرق التأثير متوفرة على شكل كتب أو أشرطة سمعية ومرئية، فقط تحتاج من المربي أو الداعية أن يوجه اهتمامه إليها ويعنى بتقوية الخير والعلم الذي يحمله بهذه المهارات البالغة التأثير على القلوب. ولدينا من الخطباء والمحاضرين من استطاع أن يصل إلى شريحة كبيرة من الناس بسبب حرصه على العناية بهذه المهارات التي ربما تكون عند البعض فطرية وعند الآخرين تحتاج إلى تنمية.
وإليك نموذجاً نبوياً يتعلق بهذا الموضوع أورده سلمان الفارسي -رضي الله عنه- قال: "كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت شجرة، فأخذ منها غصناً يابساً، فهزه حتى تحات ورقه (أي سقط) فقال: "يا سلمان: ألا تسألني لم أفعل هذا؟" قلت: لم تفعله؟ فال: إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما تحات هذا الورق، ثم قرأ )وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين(" [هود،114]. لقد كان ضرب المثل الحي وسيلة عظيمة لتوصيل القناعة وترسيخ المفهوم.إن تعلم تعبيرات الوجه والعناية بنظرات العين والاهتمام بالمظهر ربما يمثل نصف الطريق نحو إقناع الآخرين كما يقول الأستاذ محمد ديماس في كتابه الجيد "فنون الحوار والإقناع".