الأحد، 10 مايو 2009

الذكاء هل هو مكتسب أم فطري ؟


عادة ما نلاحظ الأطفال في المراحل الأولى لنموهم يسلكون سلوكات نقول عنها أنها "ذكية" و أكثر من ذلك نعتقد أنه ورث هذه الملكة عن آبائه... و عندما ينمو الطفل نوفر له شروطا صحية و ظروفا ملائمة محاولين بذلك تنمية الذكاء لديه. فهل الذكاء وراثي أم مكتسب ؟ أو بعبارة أخرى ما تأثير البيئة على الذكاء ؟
ما هو الذاكاء ؟
رغم التعاريف الكثيرة للذكاء من طرف العلماء و الفلاسفة عامة الناس ، إلا أنهم يتفقون على أن الإنسان الذكي هو ذلك الشخص سريع الفهم الذي يجد حلولا سريعة لمشكلات مفاجئة.
و تدل كلمة "ذكاء" في اللغة على معنى "التمام" فالذكاء في السن هو (تمام السن) و الذكاء في الفهم هو (تمام الفهم)...
أما المعنى العلمي للكلمة : فقد عرفه "ابن سينا" على أنه (قوة الحدس) و يعرفه "كلاباريدClaparede" على أنه (قدرة الفكر على حل المشاكل) و قيل أيضا أنه القدرة على التكيف ..
و هذه الاختلافات في التعريف تعود لكونه ليس ملكة ثابتة، بل هو عملية عقلية معقدة تتدخل فيها عوامل عديدة مثل الذاكرة و الخيال. و لكن إذا كان تعرف الذكاء أمرا صعبا فإن وصف السلوك الذكي أمر ممكن فهو سلوك يتميز بكونه سلوك مبتكر لا يظهر إلا في المواقف الطارئة و الجديدة يتجاوز قدرة الغريزة و العادة مثلما يحدث للطالب أثناء الامتحان و كما يحدث لأي شخص يقع في مشكلة مفاجئة.
الذكاء بين الفطرة و الاكتساب :
لماذا الناس متفاوتون في ذكائهم ؟ و هل هذا التفاوت يعود إلى أسباب وراثية أم بيئية ؟
ينقسم العلماء في الإجابة عن هذا التساؤل إلى فريقان :
أ‌. أنصار الوراثة : يؤيدون فكرة أن الذكاء يعود إلى عوامل وراثية و أن البيئة لا دخل لها في ذلك. فالوراثة هي المسؤولة بلادرجة الأولى عن الفروق الفردية بين الأفراد ، فالفرد يولد مزودا بقدرات عقلية و جينات تحدد قدرة الذكاء عند كل فرد. فقد أجرى "كلاباريد" العديد من التجارب لاحظ فيها التشابه الكبير بين ذكاء الأبناء و ذكاء الآباء، و أن هذا التشابه لا يوجد بين الأفراد الذين لا توجد بينهم صلة القارابة ، و التوائم الذين نتجوا عن بويضة واحدة يكون لديهم وراثة واحدة.. و في أغلب الحالات يكون الذكاء عند صاحب الجينات المحسنة. أي أن الذكي هو صاحب الجينات المحسنة و الغبي هو صاحب الجينات السيئة. لكن كون الوراثة الذكاء قدرة أو صفة لا يعني استحالة تغيرها، لأن الوراثي يختلف عن الفطري فإذا كانت البيئة لا تتحكم في ما هو وراثي فإنها تستطيع أن تحد من عيوب الوراثة. فقد أثبتت التجربة أن التوأمين اللذان نتجا عن بويضة واحدة إذا غيرنا لهما الوسط البيئي الذي يعيشان فيه فإن ذكاؤهما يكون مختلف كذلك. فللبيئة و التربية دورا أساسيا في تنمية الذكاء أو إخفائه.

أ‌. أنصار البيئة : في حين يرى أنصار البيئة أن الذكاء قدرة مكتسبة ، و لا دخل للوراثة في ذلك . فالبيئة الصالحة و التربية الصالحة و التغذية الصالحة .. فقط من يقدر على إكساب الفرد قدرات متفاوتة في القوة و الضعف من حيث تعامله مع المشكلات و المواقف الطارئة بشكل مختلف تماما عن الآخرين الذين لا يملكون هذه المهارات. فالبيئة الفاسدة بأي شكل من الأشكال قد تؤثر سلبا على الأطفال أو الراشدين ، فقد أثبتت التجارب أن الأطفال الذين حرموا من أمهاتهم يعانون نقصا في الذكاء .. كما أثبتت التجارب أن الأطفال الذين يعمل آباؤهم في مهن راقية يكونون أكثر ذكاءا من أولئك الذين يعمل آباؤهم في مهن أقل رقيا.
لكن السؤال المطروح هو : كيف نفسر الاختلاف الكبير في الذكاء بين الأفراد الذين يعيشون ظروفا متشابهة كأن يكونوا أفراد عائلة واحدة مثلا ؟
هذه الاشكالية إذن تبقى موضوع جدل كبير بين العلماء و المربين، لكن الذي نلاحظه بصورة واضحة هو أن المجتمع و الظروف التربوية و حتى البيئة الجغرافية في بعض الأحيان لهم تأثير بالغ في مساعدة عوامل الذكاء و الملكات الفردية على الظهور أو إبقائها خامدة. بمعنى آخر ، لا يكون الفرد "ذكيا" بشكل بارز إلا إذا ساعدت الظروف السوسيولوجية و الاستعدادات النفسية المكتسبة من التربية المناسبة على ذلك. فالتربية تصلح و توجه القدرات و تنميها في أحيانا و تعيقها أحيانا أخرى.

هناك تعليق واحد:

  1. اقول ان الذكاء وراثي ومكتسب فاذا كانت هذه الصفة عند الانسان وتطور هذه الصفة مع العوامل البيئية المحيطة ويمكن ان لا تطور بسبب ظروف معينة

    ردحذف